عن عبد الله بن بشر رضي الله تعالى عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! إن شرائع الإسلام قد كثرت علي، فدلني على شيء أتمسك به، فقال: (لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله عز وجل) خرجه الإمام أحمد بهذا اللفظ.. في هذا الحديث يتبين لنا كيف كان لرسول صلى الله عليه و سلم مجامع الكلم.. و هذا الرد هو قانون للمحبين و دستور للموحدين "لا يزال لسانك رطبا بذكر الله" فإن الذكر هو سلاح المؤمن و نبراس حياته فبه تسعد حياته و يضئ قلبه و تستنير بصيرته , و كيف لا و قد قال ربنا تبارك و تعالى "و أنزلنا إليكم نورا مبينا".... "لا يزال لسانك رطبا بذكر الله" الشئ الرطب هو الشئ الذي لا يفارقه الماء تماما..أي إستمرارية الإتصال بالماء و ملازمته إليه. و كذلك الذكر لابد أن يكون ملازما للسان المسلم في كل وقت الذكر يمكن أن يشمل الإستغفار و الصلاة على النبي و قراءة القرآن و التحميد و التهليل و التكبير.. و لم يحدد ربنا تبارك و تعالى حدودا للذكر "يا أيها الذين آمنوا أذكروا الله ذكرا كثيرا" و من عظيم فؤائد الذكر أنها تلين القلوب و تطمئنها , الذين آمنوا و تطمئن قلوبهم لذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب.. و من فائده أيضا "فاذكروني أذكركم" و كيف يشقى من ذكره الله؟؟!! و ممن مدحهم الله "الذين يذكرون الله قياما و قعودا و على جنوبهم" أي ديمومة الذكر في كل موضع و في كل موقف.. و لك أن تتبين أخي الكريم مدى حرص النبي صلى الله عليه و سلم –و هو خير الذاكرين- أن يجعلنا دائما على ذكر لله في الكثير من الأحاديث و الأفعال و التقريرات و تبين "اللهم إجعل لنا لسانا ذاكرا" و "اللهم أعني على ذكرك و شكرك و حسن عبادتك" و حتى بعد قضاء المناسك في الحج "فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا" و أيضا أثناء الحرب "يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا و أذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون" و بعد أن تكلم ربنا في موضع آخر عن الصلاة في الحرب قال "فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما و قعودا و على جنوبكم فإذا أطمأننتم فأقيموا الصلاة" و كانوا ممن صنفهم الله فيمن أعد لهم مغفرة و أجرا عظيما حيث قال "و الذاكرين الله كثيرا و الذاكرات أعد الله لهم مغفرة و أجرا عظيما" و سيدنا يونس –عليه السلام- كان من المسبحين فنجا بأمر من الله "فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون" أي بطن الحوت.. و قد حث النبي و رغب دائما في الأذكار و منها أذكار الصباح و المساء و منها أذكار قبل النوم و دخول الخلاء و الخروج منه و أثناء الآذان و في الوضوء و حتى في جماع الرجل لزوجته و الإستسقاء و الكرب الشديد و العشي و الإبكار فسبحان الله حين تمسون و حين تصبحون... و هذا لكي يكون المسلم دائم الذكر لمولاه و خالقه. بالذكر يحي المسلم بالذكر تنعم حياته بالذكر يلين قلبه بالذكر يحصن نفسه من الإنس و الجن بالذكر يثبت على الطاعة و يغفر له الذلات بالذكر يبارك له في الرزق و لا يمنع القطر بالذكر يترقى في درجات الجنة و يسمو في مراتب الإيمان بالذكر يتحقق الحب و الوصال يا أيها الذين آمنوا أذكروا الله ذكرا كثيرا